الأطباء في الديوانية يعتصمون ويغلقون عياداتهم والتفكير في الفرار إلى الخارج

المقاله تحت باب  قضايا
في 
18/10/2009 06:00 AM
GMT



أعلن أطباء محافظة الديوانية إضرابهم عن العمل وإغلاق جميع عيــادتهم الخاصــة والمستشفيات الأهلية لمدة 7 أيام باستثناء المســتشفيات الحكومية؛ احتجاجا على الضغوطات والتهديدات المتكررة التي وصلت إلى حد القتـل والمطالبة بالفصل العشائري (دية) لكل مريض أجريت له عملية وتوفي لأي سبب كــان. فيما قام أكثـر من 23 طبيبا بدفع الدية علنا، أما السرية فكانت أكثر بكثير من هذا العدد. وطالب الأطباء رئاسة الوزراء والحكومة المحلية بوضع حد لهذه الظــاهرة التي تفشت في مناطق الفرات الأوسط. أما في مدينتي النجف وكربلاء فقد غابت هذه الظاهرة منذ سنتيـن.
والفصل العشائري (الفدية) يطالب به أهل الميت أو القتيل من أهل القاتل أو المتسبب في الوفاة، ويقوم رؤساء العشائر وممثلون عن العوائل من الطرفين بالجلوس في (ديوان العشيرة) التابعة للقتيل أو الميت، ويقومون بتقديــر دية عنه، وقد يقومون بإعطاء امرأة أو امرأتين لتزويجها من أهالي القــاتل.
نقيب الأطباء في محافظة الديوانية قال إن «أكثر من 650 طبيبا شارك في الإضراب في الديوانية بسبب التهديدات والضغوط المستمرة، إضافة إلى الابتزاز المادي للأطباء من قبل ذوي المتوفين لأي سبب كان، دون الاستناد إلى سند قانوني أو علمي من خلال اللجان التحقيقية». وأضاف الدكتور يحيى فالح محمد لـ«الشرق الأوسط» أن «الأطباء قرروا إغلاق جميع العيادات الخاصة لمدة 7 أيام قابلة للتجديد، إضافة إلى عدم إجراء أي عملية في المستشفيات الأهلية، بينما العمليات الطارئة سوف تجرى في المستشفيات الحكومية فقط.. ونطالب بحضور أحد أعضاء مجلس المحافظة لغرض المصادقة على موافقة المريض وذويه».
وأكد فالح محمد: «أكثر من 14000 عملية أجريت في عام 2008 في الديوانية، وكانت نسبة النجاح فيها 99%، في حين لم يتم التركيز إلا على بعض حالات سلبية يمكن أن تحدث ضمن هذا العدد الكبير من العمليات». مشيرا إلى أن «الفصول العشائرية قد حدّت من إجراء العمليات، خصوصا في المستشفيات الأهلية، إضافة إلى زرع الخوف عند الأطباء وخصوصا ذوي الدخل المحدود». وأوضح محمد أن «الفصول العشائرية تتراوح بين 100 مليـون إلى 150 مليون دينار لكل مريض توفي في أثناء العلميات الجراحيــة». وطالب نقيب الأطباء في الديوانية «رئاسة الوزراء ووزيري الصحة والداخلية والحكومة المحلية باتخاذ كافة الإجراءات القانونية لغرض حماية الأطباء وتمكينهم من أداء واجبهم بشكل صحيح»، كما طالب البرلمان العراقي بسن «قانون لحماية الأطباء ضد أي تهديد أو إجراء عشائري غير مستند إلى أي سند قانوني».
من جانبهم رفض الأطباء الذين دفعوا فصولا عشائرية التصريح لوسائل الإعلام بسبب تخوفهم من ذوي المتوفين، فيما قال أحد الأطباء الذي شدد على عدم ذكر اسمه: «في أحد الأيام قمت بإجراء عملية لأحد كبار السنّ، وقد توفي بسبب أمر خارج عن طاقتنا».
ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «المريض وذويه قد وافقوا على إجراء العملية رغم علمهم بأن نجاحها لا يتعدى 3%، وبعد وفاة المريض بعدة أيام طالب ذووه بدفع فصل عشائري قدره 150 مليون دينار عراقي».
وتابع قائلا: «حينها أرسلت عدت شيوخ وسادة إلى ذوي المتوفى لإقنــاعهم بطبيعة عملي، لكن دون جدوى. واستســلمت إلى مطالبهم وقمت بدفع مبلغ قدره 100 مليون دينار، وحينها قررت الابتعاد عن إجراء العمليات الجراحية، والتفكيــر في السفر خارج العراق».
إلى ذلك قال نائب محافظ الديوانية إن «المحافظة اتخذت إجراءات مشــددة بحق كل من يطالب الأطباء بدفع الفصول العشائرية». وأضاف فيصل حسان لـ«الشرق الأوسط» أن «المسؤولين في المدينة دعوا جميع الأطباء إلى تقديم شكوى قضائية ضد كل من يبتزهم أو يطالبهم بدفع مبالغ مالية».
وأوضح أن «هنالك حملة إعلامية سوف تطلق عبر وسائل الإعلام المحلية لنبذ هذه الظاهرة، إضافة إلى اجتماع موسع سوف يعقد مع شيوخ عشائر الديوانية بهذا الخصوص».
ومن جهته قال رئيس لجنة الصحة في مجلس المحافظة: «مدينة النجف حدثت فيها عدة حالات من الفصول، وقد تم التراضي بين الأطراف»، وأضاف الدكتور مهدي الزرفي لـ«الشرق الأوسط» أن «العشــائر في النجف متفهمة لهذه الظــاهرة، وأعلنت أنها ضد كل هذه الممارسات غير الصحيحة في العــراق». وفي محافظة كربلاء أثيرت هذه القضية قبل سنتين، وقد اعتصم الأطباء لعدة أيام عن العمل بسبب الفصول العشائرية. وقال مصدر لـ«الشرق الأوسط» في صحة كربلاء رفض الكشف عن اسمه: «بعد اعتصام الأطباء قبل سنتين اتخذت الحكومة المحلية إجراءات رادعة بحق كل من يطالب الأطباء بفصول عشائرية في حالة حدوث الوفيات دون تقصير من قبل الطبيب»، مضيفا: «منذ سنتين لم تسجل أي حالة تهديد أو مطالبة الطبيب بفصل عشائري بعد حدوث حالة وفاة».